کد مطلب:352787 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:262

موقعة الجمل و خروج أم المؤمنین
عندما علمت أم المؤمنین بمقتل الخلیفة عثمان ومبایعة الناس لعلی



[ صفحه 65]



قالت لعبید الله بن كلاب الذی أخبرها بذلك: " والله لیت هذه انطبقت علی هذه إن تم الأمر لصاحبك، ویحك أنظر ما تقول " فقال لها عبید: هو ما قلت لك یا أم المؤمنین. فولولت، فقال لها: ما شأنك یا أم المؤمنین، والله ما أعرف أحدا أولی بها منه، فلماذا تكرهین ولایته؟ وصاحت أم المؤمنین: ردونی، ردونی. فانصرفت إلی المدینة وهی تقول: قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه! فقال لها عبید: ولم؟ فوالله أول من أحال صرفه لأنت، فقد كنت تقولین " اقتلوا نعثلا فقد كفر "، قالت: إنهم استتابوه ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولی الأخیر خیر من قولی الأول، فانصرفت إلی مكة فنزلت علی باب المسجد واجتمع الناس إلیها وقالت: یا أیها الناس، إن عثمان قتل مظلوما، والله لأطلبن بدمه [1] .

وقد وافق غضب أم المؤمنین عائشة غضب طلحة والزبیر بعد أن استرد الإمام علی علیه السلام عهد ولایتی الیمن والبحرین منهما، فنكثا عهدی هما للإمام علی علیه السلام، وذهبا إلی مكة یحثون أم المؤمنین للسیر إلی قتال علی، فخرجوا وقد سار معهم جیش كبیر بقیادة أم المؤمنین متوجهین نحو البصرة حیث دارت رحی معركة عرفت باسم (معركة الجمل)، وقد كان الظفر فیها بجانب جیش الإمام وقتل فیها طلحة والزبیر وثلاثة عشر ألفا من المسلمین، وكل هؤلاء ذهبوا ضحیة دعوة أم المؤمنین بالاقتصاص من قتلة عثمان والذین ادعت أنهم اندسوا فی جیش الإمام. ومهما یكن الأمر، أولم یكن الأجدر بها أن تدع كل ذلك لولی الأمر؟ وخصوصا أن الله تعالی أمرها (وقرن فی بیوتكن) [2] وما هی وذاك؟ فعثمان رجل من بنی أمیة، وهی من تیم. إلا إذا كان لخروجها سبب آخر غیر ذلك!؟ وبالرغم من أن واقع هذه الحادثة یجیب علی هذه التساؤلات بوضوح



[ صفحه 66]



فإنه یضاف إلی ذلك تنبؤ الرسول صلی الله علیه وآله لهذه الفتنة وإشارته إلی مسببیها. فعن عبد الله قال: " قام النبی (ص) خطیبا فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ها هنا الفتنة، ثلاثا، من حیث یطلع قرن الشیطان " [3] .

وقد اعتبر عمار بن یاسر أن طاعة عائشة فی هذا الفعل كانت علی حساب طاعة الله جل وعلا. فعن ابن زیاد الأسدی قال: "... فسمعت عمار یقول: إن عائشة قد سارت إلی البصرة، ووالله إنها لزوجة نبیكم (ص) فی الدنیا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالی ابتلاكم لیعلم إیاه تطیعون أم هی؟ " [4] .

وحتی قبل هذه الحادثة بأمد بعید، فإن عائشة (رض) عرف عنها غیرتها الشدیدة من علی، وكانت لا تطیق حتی ذكر اسمه. فعن عبید الله بن عتبة (إن عائشة قالت: لما ثقل النبی (ص) واشتد به وجعه استأذن أزواجه فی أن یمرض فی بیتی فأذن له، فخرج النبی (ص) بین رجلین تخط رجلاه فی الأرض، بین عباس ورجل آخر، قال عبید الله: فأخبرت عبد الله بن عباس فقال: أتدری من الرجل الآخر؟ قلت: لا، قال: هو علی) [5] .

ولعل ما سمعته عائشة (رض) من قول علی لرسول الله صلی الله علیه وآله بشأنها فی حادثة الإفك كان سببا لهذه الغیرة والضغینة، فعن عبید الله بن مسعود قال: "... وأما علی بن أبی طالب فقال: یا رسول الله، لم یضیق الله علیك والنساء سواها كثیر " [6] .



[ صفحه 67]



وقد وصف أمیر الشعراء أحمد شوقی غیرة عائشة من خلال أبیات یخاطب بها الإمام علی علیه السلام:

یا جبلا تأبی الجبال ما حمل

ماذا رمت علیك ربة الجمل

أثأر عثمان الذی شجاها

أم غصة لم ینتزع شجاها

ذلك فتق لم یكن بالبال

كید النساء موهن الجبال

وإن أم المؤمنین لامرأة

وإن تك تلك الطاهرة المبرأة

أخرجها من كنها وسنها

ما لم یزل طول المدی من ضغنها


[1] الطبري ج 5 ص 172، ابن الأثير وابن سعد.

[2] الأحزاب: 32.

[3] صحيح البخاري ج 4 ص 217 كتاب الخمس باب ما جاء في بيوت أزواج النبي.

[4] صحيح البخاري ج 9 ص 171 كتاب الفتن باب الفتنة التي تموج كموج البحر.

[5] صحيح البخاري ج 1 ص 133 كتاب الوضوء باب صب النبي وضوء علي المغمي عليه.

[6] صحيح البخاري ج 6 ص 252 كتاب التفسير باب - لولا إذ سمعتموه.